15. وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ مَا تَأْمُرُ بِهِ الشَّرِيعَةُ مَوْجُودٌ فِي قُلُوبِهِمْ. فَإِنَّ ضَمَائِرَهُمْ تُحَدِّثُهُمْ بِذَلِكَ، وَأَفْكَارَهُمُ الدَّاخِلِيَّةَ تُخْبِرُهُمْ مَتَى عَمِلُوا الْخَطَأَ وَمَتَى عَمِلُوا الصَّوَابَ.
16. وَكُلُّ هَذَا يُؤْخَذُ فِي الِاعْتِبَارِ يَوْمَ يُحَاكِمُ اللهُ أَسْرَارَ النَّاسِ بِوَاسِطَةِ الْمَسِيحِ عِيسَى. فَالْإِنْجِيلُ الَّذِي أُنَادِي بِهِ يُقَرِّرُ هَذَا.
17. وَالْآنَ، أَنْتَ تُسَمِّي نَفْسَكَ يَهُودِيًّا، وَتَتَّكِلُ عَلَى الشَّرِيعَةِ، وَتَفْتَخِرُ بِاللهِ.
18. أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّرِيعَةَ، وَلِذَلِكَ تَفْهَمُ مَشِيئَةَ اللهِ وَتَعْرِفُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
19. وَأَنْتَ تَعْتَقِدُ أَنَّكَ قَائِدٌ لِلْعُمْيَانِ، وَنُورٌ لِمَنْ هُمْ فِي الظَّلَامِ،
20. وَمُهَذِّبٌ لِلْأَغْبِيَاءِ، وَمُعَلِّمٌ لِلْجُهَلَاءِ، وَأَنَّكَ بَلَغْتَ ذُرْوَةَ الْمَعْرِفَةِ وَالْحَقِّ لِأَنَّ عِنْدَكَ الشَّرِيعَةَ.
21. مَهْلًا، أَنْتَ يَا مَنْ تُعَلِّمُ الْآخَرِينَ، لِمَاذَا لَا تُعَلِّمُ نَفْسَكَ؟ أَنْتَ تُنَادِي وَتَقُولُ: ”لَا تَسْرِقُوا“، فَهَلْ يَصِحُّ أَنَّكَ تَسْرِقُ؟
22. أَنْتَ تَقُولُ: ”لَا تَزْنُوا“، فَهَلْ يَصِحُّ أَنَّكَ تَزْنِي؟ أَنْتَ تَكْرَهُ الْأَصْنَامَ، فَهَلْ يَصِحُّ أَنَّكَ تَنْهَبُ بَيْتَ اللهِ؟
23. أَنْتَ تَتَبَاهَى بِالشَّرِيعَةِ، فَهَلْ يَصِحُّ أَنَّكَ تُهِينُ اللهَ بِأَنْ تَعْصَى الشَّرِيعَةَ؟
24. فَإِنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ: ”بِسَبَبِكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا الْيَهُودُ، يَكْفُرُ الْأَجَانِبُ بِاسْمِ اللهِ تَعَالَى.“
25. فَإِذَا كُنْتَ تَعْمَلُ بِأَوَامِرِ الشَّرِيعَةِ، يَكُونُ لِخِتَانِكَ قِيمَةٌ. أَمَّا إِذَا كُنْتَ تُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ، فَخِتَانُكَ هُوَ بِلَا مَعْنًى.
26. وَمِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى، إِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِ الْمَخْتُونِينَ يَعْمَلُ بِفَرَائِضِ الشَّرِيعَةِ، أَلَا يَعْتَبِرُهُ اللهُ كَأَنَّهُ مَخْتُونٌ؟
27. فَغَيْرُ الْمَخْتُونِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِفَرَائِضِ الشَّرِيعَةِ يَحْكُمُونَ عَلَيْكُمْ أَنْتُمُ الْيَهُودَ الَّذِينَ تُخَالِفُونَ الشَّرِيعَةَ مَعَ أَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ عِنْدَكُمْ وَمَعَ أَنَّكُمْ مَخْتُونُونَ.
28. لِأَنَّ الْيَهُودِيَّ الْحَقِيقِيَّ لَيْسَ هُوَ الْيَهُودِيَّ حَسَبَ الظَّاهِرِ. وَالْخِتَانَ الْحَقِيقِيَّ لَيْسَ هُوَ مُجَرَّدَ عَلَامَةٍ خَارِجِيَّةٍ فِي الْجِسْمِ،
29. بَلِ الْيَهُودِيُّ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الْيَهُودِيُّ فِي الْقَلْبِ، وَالْخِتَانُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ خِتَانُ الْقَلْبِ، أَيِ الْخِتَانُ الرُّوحِيُّ لَا الْحَرْفِيُّ. وَهَذَا الشَّخْصُ رُبَّمَا لَا يَمْدَحُهُ النَّاسُ، لَكِنَّ اللهَ يَمْدَحُهُ.