21. الشَّجَرَةُ ذاتَ الأوراقِ الجَّمِيلَةِ وَالثَّمَرِ الكَثِيرِ، وَفِي أغصانِها طَعامٌ لِلجَمِيعِ، وَقَد سَكَنَتِ الحَيواناتُ البَرِّيَّةُ تَحتَها وَعَشَّشَتِ الطُّيُورُ فِي أغْصانِها –
22. هِيَ أنتَ أيُّها المَلِكُ! فَقَد صِرتَ عَظِيماً وَقَوِيّاً، وَجَمَعتَ ثَروَةً عَظِيمَةً، وَوَصَلَتْ قُوَّتُكَ إلَى السَّماءِ وَسُلطانُكَ إلَى أقاصِي الأرْضِ.
23. «أمّا المُراقِبُ القِدِّيسُ الَّذِي رَأيتَهُ يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ، وَالَّذِي قالَ: ‹اقطَعُوا الشَّجَرَةَ وَأهلِكُوها تَماماً، لَكِنِ اتْرُكُوا جِذعَها وَجُذُورَها فِي الأرْضِ مُقَيَّدَةً بِقُيُودٍ مِنْ حَدِيدٍ وَنُحاسٍ وَسَطَ الحُقُولِ. فَهُناكَ سَتَبتَلُّ بِنَدَى السَّماءِ، وَتَبقَى بَينَ الحَيواناتِ البَرِّيَّةِ حَتَّى تَكتَمِلَ سَبعَةُ مَواسِمٍ.›
24. «فَيا سَيِّدِي المَلِكِ، هَذا هُوَ تَفسِيرُ ما قالَهُ المُراقِبُ فِي الحُلمِ: هَذا هُوَ الحُكمُ الَّذِي أصدَرَهُ اللهُ العَلِيُّ عَلَى سَيِّدِي المَلِكِ:
25. سَيَطرُدُونَكَ مِنْ بَينِ النّاسِ، وَسَتَعِيشُ بَينَ الحَيواناتِ البَرِّيَّةِ وَسَتَأكُلُ العُشبَ كَالبَقَرِ، وَسَتَبتَلُّ بِنَدَى السَّماءِ. وَسَتَمُرُّ عَلَيكَ سَبْعَةُ مَواسِمٍ قَبلَ أنْ يَعُودَ إلَيكَ عَقلُكَ وَتَعرِفَ أنَّ اللهَ العَلِيَّ يَحكُمُ عَلَى مَملَكَةِ البَشَرِ. وَهُوَ يُعطِيها لِمَن يَشاءُ.
26. «وَعِندَما قالَ المُراقِبُ القدِّيسُ: ‹اترُكُوا جِذْعَها وَجُذُورَها،› فَهَذا لِتَعلَمَ أنَّ مَملَكَتَكَ سَتَعُودُ إلَيكَ، عِنْدَما تُدْرِكَ أنَّ السِّيادَةَ هِيَ لِرَبِّ السَّماءِ.
27. لِذَلِكَ أيُّها المَلِكُ اسْمَعْ نَصِيحَتِي. كَفِّرْ عَنْ خَطاياكَ بِالبِرِّ، وَعَنْ شَرِّكَ بِالإحسانِ لِلفُقَراءِ. فَحِينَئِذٍ، تَكُونُ لَكَ حَياةٌ طَوِيلَةٌ هادِئَةٌ.»
28. وَقَد حَدَثَت كُلُّ تِلكَ الأُمُورِ لِلمَلِكِ نَبُوخَذْناصَّرَ،
29. فَبَعدَ اثنَي عَشَرَ شَهراً كانَ المَلِكُ يَتَمَشَّى عَلَى سَطحِ قَصرِهِ،
30. حِينَ قالَ: «هَذِهِ هِيَ بابِلُ المَدِينَةُ العَظِيمَةُ الَّتِي بَنَيتُها بِقُوَّتِي لِتَصِيرَ عاصِمَةَ مَملَكَتِي وَلأُظْهِرَ مَجدِي!»
31. وَبَينَما كانَ لايَزالُ يَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الكَلِماتِ، جاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّماءِ يَقُولُ: «اسمَعْ ما سَيَحدُثُ لَكَ أيُّها المَلِكُ نَبُوخَذْناصَّرُ: سَتُنزَعُ مَملَكَتُكَ مِنكَ.
32. وَسَتُطرَدُ مِنْ بَينِ النّاسِ لِتَعِيشَ بَينَ الحَيواناتِ البَرِّيَّةِ، وَسَتَأكُلُ العُشبَ كَالبَقَرِ، وَسَتَمُرُّ عَلَيكَ سَبعَةُ مَواسِمٍ قَبلَ أنْ تَعُودَ إلَى عَقلِكَ وَتَعرِفَ أنَّ اللهَ العَلِيَّ يَحكُمُ عَلَى مَملَكَةِ البَشَرِ. وَهُوَ يُعطِيها لِمَن يَشاءُ.»
33. وَفَورَ انتِهاءِ هَذِهِ الرِّسالَةِ، طُرِدَ نَبُوخَذْناصَّرُ مِنْ بَينِ النّاسِ، وَصارَ مَجنُوناً. وَبَدَأ يَأكُلُ العُشبَ كَالبَقَرِ، وَابتَلَّ جَسَدُهُ بِنَدَى السَّماءِ. طالَ شَعرُهُ وَتَلَبَّدَ حَتَّى صارَ مِثلَ رِيشِ النَّسرِ. وَطالَت أظافِرُهُ حَتَّى صارَت كَمَخالِبِ الطُّيُورِ.
34. وَتابَعَ نَبُوخَذْناصَّرُ كَلامَهُ بِقَولِهِ: «وَفِي نِهايَةِ الوَقتِ المُعَيَّنِ، رَفَعتُ أنا نَبُوخَذْناصَّرُ، عَينَيَّ نَحوَ السَّماءِ فَعادَ إلَيَّ عَقلِي. حِينَئِذٍ، بارَكتُ اللهَ العَلِيَّ، وَمَجَّدتُ الَّذِي يَحيا إلَى الأبَدِ وَالَّذِي يَملُكُ إلَى الأبَدِ، وَمُلكُهُ يَستَمِرُّ عَبرَ الأجيالِ.
35. «أمامَ قُوَّةِ اللهِ،كُلُّ البَشَرِ عَلَى الأرْضِ كَلا شَيءٍ!هُوَ يَعمَلُ ما يُرِيدُبِجُندِ السَّماءِ أوْ بِسُكّانِ الأرْضِ!لا يُوجَدُ مَنْ يَستَطِيعُ مَنْعَهُأوْ مَنْ يَسألُهُ ماذا تَعمَلُ؟
36. «فِي ذَلِكَ اليَومِ، أعادَ اللهُ إلَيَّ عَقلِي وَمَجدَ مَملَكَتِي وَكَرامَتِي. وَعادَت هَيئَتِي إلَى طَبِيعَتِها. وَعادَ المُستَشارُونَ وَالنُبَلاءُ يَطلُبُونَ نَصِيحَتِي مِنْ جَدِيدٍ. وَعُدْتُ إلَى مَركِزِي كَمَلِكٍ عَلَى مَملَكَتِي. وَحَصَلتُ عَلَى ثَروَةٍ أعظَمَ مِمّا كانَ لِي.
37. أنا نَبُوخَذْناصَّرَ أُسَبِّحُ وَأحمَدُ وَأُكرِمُ مَلِكَ السَّماءِ الَّذِي كُلُّ أعمالِهِ حَقٌّ وَطُرُقُهُ مُستَقِيمَةٌ، وَهُوَ يَقدِرُ أنْ يُذِلَّ المُتَكَبِّرِينَ.»